فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآية رقم (26):

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)}
{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن} روي أن قائل هذه المقالة أبو جهل بن هشام لعنه الله {والغوا فِيهِ} المعنى لا تسمعوا إليه، وتشاغلوا عند قراءته برفع الأصوات وإنشاد الشعر، وشبه ذلك حتى لايسمعه أحد، وقيل: معناه قعوا فيه وعيبوه.

.تفسير الآيات (29- 31):

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)}
{أَرِنَا الذين أَضَلاَّنَا} يقولون هذا إذا دخلوا جهنم، فقولهم مستقبل ذكر بلفظ الماضي، ومعنى اللذين أضلانا: كل من أغوانا من الجن والإنس، وقيل: المراد ولد آدم الذي سن القتل وإبليس الذي أمر بالكفر والعصيان، وهذا باطل لأن ولد آدم مؤمن عاصي، وإنما طلب هؤلاء من أضلهم بالكفر {تَحْتَ أَقْدَامِنَا} أي في أسفل طبقة من النار {ثُمَّ استقاموا} قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، استقاموا على قولهم: ربنا الله، فصح إيمانهم ودام توحيدهم وقال عمر بن الخطاب: المعنى استقاموا على الطاعة وترك المعاصي، وقول عمر أكمل وأحوط، وقول أبي بكر أرجح لما روى أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وقال: قد قالها قوم كفروا فمن مات عليها فهو ممن استقام»، وقال بعض الصوفية: معنى استقاموا أعرضوا عما سوى الله، وهذه حالة الكمال على أن اللفظ لا يقتضيه {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة} يعني عند الموت {وَلَكُمْ فِيهَا} الضمير للآخرة {مَا تَدَّعُونَ} أي ما تطلبون.

.تفسير الآيات (33- 35):

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله} أي: لا أحد أحسن قولاً منه، ويدخل في ذلك كل من دعا إلى عبادة الله أو طاعته على العموم، وقيل: المراد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل المؤذنون وهذا بعيد؛ لأنها مكية، وإنما شرع الأذان بالمدينة ولكن المؤذنين يدخلون في العموم {وَمَا يُلَقَّاهَا} الضمير يعود على الخلق الجميل الذي يتضمنه قوله: {ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ} {ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} أي حظ من العقل والفضل وقيل: حظ عظيم في الجنة.

.تفسير الآيات (36- 38):

{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38)}
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ} إن شرطية دخلت عليها ما الزائدة، ونزغ الشيطان: وساوسه وأمره بالسوء {الذي خَلَقَهُنَّ} الضمير يعود على الليل والنهار والشمس والقمر، لأن جماعة ما لا يعقل كجماعة المؤنث، أو كالواحدة المؤنثة، وقيل: إنما يعود على الشمس والقمر، وجمعهما لأن الاثنين جمع هذا بعيد {فالذين عِندَ رَبِّكَ} الملائكة {لاَ يَسْأَمُونَ} أي لا يملون.

.تفسير الآية رقم (39):

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}
{الأرض خَاشِعَةً} عبارة عن قلة النبات {اهتزت} ذكر في [الحج: 5] {نَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى} تمثيل واحتجاج على صحة البعث.

.تفسير الآية رقم (40):

{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)}
{إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا} أي يطعنون عليها، وهذا الإلحاد هو بالتكذيب وقيل: باللغو فيه حسبما تقدم في السورة {أَفَمَن يلقى فِي النار} الآية: قيل إن المراد بالذي يلقى بالنار أبو جهل، وبالذي يأتي آمناً عثمان بن عفان وقيل: عمار بن ياسر واللفظ أعم من ذلك {اعملوا مَا شِئْتُمْ} تهديد لا إباحة.

.تفسير الآيات (41- 44):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر} الذكر هنا القرآن باتفاق، وخبر إن محذوف تقديره؛ {ضَلُّواْ} أو هلكوا، وقيل: خبرها: {أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ}، وذلك بعيد.
{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} أي كريم على الله، وقيل منيع من الشيطان {لاَّ يَأْتِيهِ الباطل} أي ليس فيما تقدمه ما يبطله، ولا يأتي ما يبطله والمراد على الجملة أنه لا يأتيه الباطل من جهة من الجهات {مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ} في معناه قولان: أحدهما: ما يقول الله لك من الوحي والشرائع، إلا مثل ما قال للرسل من قبلك، والآخر: ما يقول لك الكفار من التكذيب والأذى إلا مثل ما قالت الأمم المتقدمون لرسلهم، فالمراد على هذا تسلية النبي صلى الله عليه وسلم بالتأسي، والمراد على القول الأوّل أنه عليه الصلاة والسلام أتى بما جاءت به الرسل فلا تنكر رسالته {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ} يحتمل أن يكون مستأنفاً، أو يكون هو المقول في الآية المتقدمة، وذلك على القول الأوّل، وأما القول الثاني فهو مستأنف منطقع مما قبله.
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} الأعجمي الذي لا يفصح، ولا يبين كلامه سواء كان من العرب أو من العجم، والعجمي الذي ليس من العرب فصيحاً كان أو غير فصيح، ونزلت الآية بسبب طعن قريش في القرآن، فالمعنى أنه كان أعجمياً لطعنوا فيه وقالوا: هلا كان مبيناً فظهر أنهم يطعنون فيه على أي وجه كان {ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} هذا من تمام كلامهم، والهمزة للإنكار، والمعنى: أنه لو كان القرآن أعجمياً لقالوا قرآن أعجمي، ورسول عربي، أو مرسل إليه عربي، وقيل: إنما طعنوا فيه لما فيه من الكلمات العجمية، كسجين وإستبرق، فقالوا أقرآن أعجمي وعربي، أي مختلط من كلام العرب والعجم، وهذا يجري على قراءة أعجمي بفتح العين {في آذَانِهِمْ وَقْرٌ} عبارة عن إعراضهم عن القرآن، فكأنهم صم لا يسمعون وكذلك {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} عبارة عن قلة فهمهم له {أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} فيه قولان: أحدهما عبارة عن قلة فهمهم فشبههم بمن ينادي من مكان بعيد فهو لايسمع الصوت ولا يفقه ما يقال، والثاني: أنه حقيقة في يوم القيامة أي ينادون من مكان بعيد ليسمعوا أهل الموقف توبيخهم، والأوّل أليق بالكنايات التي قبلها.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)}
{كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ} يعني القدر.

.تفسير الآية رقم (47):

{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)}
{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة} أي علم زمان وقوعها، فإذا سئل أحد عن ذلك قال: الله هو الذي يعلمها {مِّنْ أَكْمَامِهَا} جمع كم بكسر الكاف وهو غلاف الثمرة قبل ظهورها.
{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي} العامل في يوم محذوف والمراد به يوم القيامة، والضمير للمشركين وقوله: {أَيْنَ شُرَكَآئِي} توبيخ لهم، وأضاف الشركاء إلى نفسه على زعم المشركين، كأنه قال: الشركاء الذين جعلتم لي {قالوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} المعنى: أنهم قالوا: أعلمناك ما منا من يشهد اليوم بأن لك شريكاً، لأنهم كفروا يوم القيامة بشركائهم.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)}
{وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ} أي ضل عنهم شركاؤهم، بمعنى أنهم لا يرونهم حينئذ، فما على هذا موصولة، أو ضل عنهم قولهم الذي كانوا يقولون من الشرك، فما على هذا مصدرية {وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} الظنّ هنا بمعنى اليقين، والمحيص المهرب: أي علموا أنهم لا مهرب لهم من العذاب؛ وقيل: يوقف على ظنوا، ويكون مالهم؛ استئنافاً، وذلك ضعيف.

.تفسير الآية رقم (49):

{لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)}
{لاَّ يَسْأَمُ الإنسان مِن دُعَآءِ الخير} أي لا يمل من الدعاء بالمال والعافية وشبه ذلك، ونزلت الآية في الوليد بن المغيرة، وقيل في غيره من الكفار واللفظ أعم من ذلك.

.تفسير الآية رقم (50):

{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)}
{لَيَقُولَنَّ هذا لِي} أي هذا حقي الواجب لي، وليس تفضلاً من الله ولا يقول هذا إلا كافر، ويدل على ذلك قوله: {وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَآئِمَةً} وقوله: {وَلَئِن رُّجِعْتُ إلى ربي إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى} معناه إن بعثت تكون لي الجنة، وهذا تخرص وتكبر، وروي أن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} ذكر في [الإسراء: 83] أي كثير، وذكر الله هذه الأخلاق على وجه الذم لها.

.تفسير الآية رقم (52):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)}
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله} الآي معناها أخبروني إن كان القرآن من عند الله ثم كفرتم به ألستم في شقاق بعيد؟ فوضع قوله: {من أضل} موضع الخطاب لهم.

.تفسير الآيات (53- 54):

{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ} الضمير لقريش وفيها ثلاثة أقوال: أحدها أن الآيات في الآفاق هي فتح الأقطار للمسلمين، والآيات في أنفسهم هي فتح مكة فجمع ذلك وعداً للمسلمين بالظهور، وتهديداً للكفار، واحتجاجاً عليهم بظهور الحق وخمول الباطل، والثاني أن الآيات في الآفاق: هي ما أصاب الأمم المتقدمة من الهلاك وفي أنفسهم يوم بدر الثالث أن الآيات في الآفاق: هي خلق السماء وما فيها من العبر والآيات، وفي أنفسهم خلقة بني آدم وهذا ضعيف لأنه قال: {سَنُرِيهِمْ} بسين الاستقبال، وقد كانت السموات وخلقة بني آدم مرئية والأول هو الراجح {أَنَّهُ الحق} الضمير للقرآن أو للإسلام {مُّحِيطٌ} أي بعلمه وقدرته وسلطانه.

.سورة الشورى:

.تفسير الآيات (1- 3):

{حم (1) عسق (2) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}
{حم* عسق} الكلام فيه كسائر حروف الهجاء حسبما تقدم في سورة البقرة، وقد حكى الطبري أن رجلاً سأل ابن عباس عن حم عسق فأعرض عنه، فقال حذيفة: إنما كرهها ابن عباس، لأنها نزلت في رجل من أهل بيته اسمه عبد الله يبني مدينة على نهر من أنهار المشرق، ثم يخسف الله بها في آخر الزمان، والرجل على هذا أبو جعفر المنصور، والمدينة بغداد. وقد ورد في الحديث الصحيح أنها يخسف بها {كَذَلِكَ يوحي إِلَيْكَ} الكاف نعت لمصدر محذوف، والإشارة بذلك إلى تضمنه القرآن أو السورة، وقيل: الإشارة لقوله: {حم* عسق} فإن الله أنزل بهذه الأحرف بعينها في كتاب أنزله، وفي صحة هذا نظر {الله العزيز الحكيم} اسم الله فاعل بيوحِي، وأما على قراءة {} بالفتح فهو فاعل بفعل مضمر، دل عليه يوحي كأن قائلاً قال: من الذي أوحى؟ فقيل: الله.

.تفسير الآية رقم (5):

{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)}
{تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ} أي يتشققن من خوف الله وعظيم جلاله، وقيل: من قول الكفار: أتخذ الله ولداً، فهي كالآية التي في مريم قال ابن عطية: وما وقع للمفسرين هنا من ذكر الثقل ونحوه: مردود لأن الله تعالى لا يوصف به {مِن فَوْقِهِنَّ} الضمير للسموات والمعنى يتشققن من أعلاهن، وذلك مبالغة في التهويل، وقيل: الضمير للأرضين وهذا بعيد، وقيل: الضمير للكفار كأنه قال: من فوق الجماعات الكافرة التي من أجل أقوالها تكاد السموات يتفطرن، وهذا أيضاً بعيد {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض} عموم يراد به الخصوص؛ لأن الملائكة إما يستغفرون للمؤمنين من أهل الأرض، فهي كقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ} [غافر: 7]. وقيل: إنّ يستغفرون للذين آمنوا نسخ هذه الآية، وهذا باطل، لأن النسخ لا يدخل في الأخبار، ويحتمل أن يريد بالاستغفار طلب الحلم عن أهل الأرض مؤمنهم وكافرهم، ومعناه: الإمهال لهم، وأن لا يعالجوا بالعقوبة فيكون عاماً، فإن قيل: ما وجه اتصال قوله: {والملائكة يُسَبِّحُونَ} الآية: بما قبلها؟ فالجواب أنا إن فسرنا تفطر السموات بأنه من عظمة الله؛ فإنه يكون تسبيح الملائكة أيضاً تعظيماً له، فينتظم الكلام، وإن فسرنا تفطرها بأنه من كفر بني آدم؛ فيكون تسبيح الملائكة تنزيهاً لله تعالى عن كفر بني آدم، وعن أقوالهم القبيحة.

.تفسير الآية رقم (7):

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)}
{أُمَّ القرى} هي مكة، والمراد أهلها، ولذلك عطف عليه {وَمَنْ حَوْلَهَا} يعني من الناس {يَوْمَ الجمع} يعني يوم القيامة وسمي بذلك لأن الخلائق يجتمعون فيه.

.تفسير الآية رقم (9):

{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)}
{أَمِ اتخذوا} أم منقطعة، والأولياء هنا المعبودون من دون الله.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)}
{فَحُكْمُهُ إِلَى الله} أي ما اختلفهم فيه أنتم والكفار من أمر الدين فحكمه إلى الله؛ بأن يعاقب المبطل ويثيب المحق؛ أو ما اختلفتم فيه من الخصومات فتحاكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كقوله: {فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول} [النساء: 59].